"آنستي ، حان وقت الاستيقاظ ."

استيقظت آستر التي لم تكن تعلم أنها نائمة ، مصدومة عندما رأت دوروثي تدخل لتوقظها .

بمساعدة الخادمات ، انتهت بسرعة من التحضير و نزلت إلى الطابق الأول .

كان لايزال قبل موعد الإفطار لكن كان من المقرر أن تقابل دي هين .

وصلت إلى باب الغرفة بقلب ينبض ، و لقد كانت تتسائل ما إن تم تسليم أى أخبار إلى دي هين في الليل .

ومع ذلك ، لقد كان الباب مغلقاً و لم يكن هناك شيء يشير إلى وجود أى شخص بالداخل .

"أليس بالداخل ؟"

بينما كانت آستر تنظر بتوتر اقترب ديلبرت ، الذي كان يمر للتو في الردهة .

"هل تبحثين عن جلالته ؟"

"نعم ، أين هو الآن ؟"

ابتسم ديلبرت بهدوء ووقف و نظر إلى آستر .

"لقد غادر بعد أن تلقى أخباراً عاجلة منذ فترة . بمجرد مغادرته ، طلب مني أن أقول لكِ أنه آسف لأنه كان مضطراً للذهاب مرة أخرى ."

لو كان الوقت مبكراً في الصباح لكانت قد سمعت صوت خروج ، لكن يبدو أنه خرج عندما كانت آستر نائمة لبعض الوقت .

ابتلعت آستر لعابها و تواصلت بالعين مع ديلبرت .

"هل هذه المسألة العاجلة لها علاقة بالمعبد ؟"

"كيف علمتِ ؟ نعم ، في الواقع ، قيل أن القديسة قد توفيت الليلة الماضية ، إنه أمر مؤسف ..."

واصل ديلبرت الكلمات لكن آستر لم تكن تسمع وقد كان هناك طنين في أذنها .

'أعلم . علمت هذا .'

ترنحت آستر للحظة و كادت أن تسقط و أمسكت بالحائط .

"آنستي !هل أنتِ بخير ؟"

"نعم ، أنا بخير ."

"بشرتكِ شاحبة ... هل آخذكِ إلى غرفة الطعام ؟"

"لا . سأتخطى الإفطار هذا الصباح . لا أشعر أنني على ما يرام ."

كانت ديلبرت قلقاً للغاية بعد رؤية آستر شاحبة فجأة ، لكن آستر رفضت مساعدته و استدارت و خرجت من الباب .

كانت تسير في الحديقة و بالكاد توقفت عند النافورة . لم تعد تمتلك القوة للمشي لذا جلست بجانبها .

سأل ڤيكتور الذي كان يتبع آستر خطوة فخطوة منذ خروجها من القصر وهو غير قادر على مشاهدتها هكذا بعد الآن .

"ماذا يحدث ؟ إن كان بإمكاني المساعدة فسأستمع ."

"آسفة ، أريد أن أكون وحدي ."

لكن آستر لم تستطع الإهتمام بأى شخص آخر الآن .

"ثم ، هذا ..."

كانوا في شهر كانون الثاني [يناير ] و لقد كان الطقس بارداً .

خلع ڤيكتور سترته و سلمها إلى آستر ، خوفاً من إصابة آستر التي خرجت بدون معظف بنزلة برد .

'ماذا يحدث معها ؟'

كان قلقاً بسبب إختلاف آستر عن المعتاد ، لكنها طلبت منه ان تكون بمفرده ، لقد كان أيضاً أمر ، لذا تراجع .

في هذه الأثناء ، نظرت آستر ،التي تُركت وحداه ، إلى السماء بهدوء ، و أغمضت عينيها بإحكام بينما نزل عليها ضوء الشمس .

"....لقد ماتت بعد كل شيء ."

كان شيئاً يُمكن أن يحدث في أى وقت حتى لو تأخر الأمر لمدة عام ، فقد كان شيئاً واجب الحدوث .

لكن لماذا أنا مستاءة جداً ؟ في كل مرة كانت تعود فيها ، شعرت و كأنها ستعود إلى الوقت الذي تشعر فيه بالقلق إلى متى سوف تعود إلى السجن مرة أخرى .

"القديسة ... هل ماتت براحة ؟"

كان من غير المريح التفكير في سيسبيا ، التي كانت ستموت وحيدة بدون ان يهتم بها أحد .

في الوقت الحالي ، اعتقدت أن الدعاء من أجل سيسبيا أن تموت براحة هو أول شيء ، لذا أغمضت عينها و صلت من أجلها .

في هذه الأثناء ،

چو-دي الذي خرج إلى غرفة الطعام لتناول الإفطار نظر إلى الغرفة الخالية .

"هل أبي و آستر لم يصلا بعد ؟"

"أوه ، سيدي الصغير ، صاحب الجلالة لديه عمل عاجل و ذهب إلى المعبد ، و الآنسة قالت أنها سوف تتخطى وجبة الإفطار ؟"

"آستر ؟ لماذا ؟"

لم تفوت آستر وجبة واحدة منذ أن كانت في المنزل .

أصبح تعبير چو-دي جاداً عندما قال أنها سوف تتخطى وجبة الإفطار .

"لا أعرف . شحب وجهها عندما سمعت ان القديسة قد ماتت ..."

"ماذا ؟ القديسة ماتت ؟"

لم يعد چو-دي يستمع إلى ديلبرت و خرج مسرعاً للبحث عن آستر .

عندما سمع أن آستر كانت في الحديقة من خدم عابرين ركض لها في الحال .

صرخ چو-دي عندما رأى آستر جالسة عند النافورة و خاملة .

"آستر !"

"أوبا ؟"

بعد الصلاة فتحت آستر عينيها ببطء و نظرت إلى چو-دي .

وقف چو-دي أمام آستر وتحدث بصوت باكي .

"هل ستغادرين إلى المعبد ."

"المعبد ؟ أوه ... هل سمع أوبا أيضاً أخبار القديسة ؟ بالطبع لا ."

تنهد جو-دي الذي كان قلقاً من أن سمع أنباء سيسبيا بإرتياح .

"أنا سعيد . أنتِ هي القديسة الوحيدة الآن . كنت قلقاً من أنكِ سوف تذهبين إلى المعبد ."

حتى بعد تلقي التأكيد من آستر أمسكَ چو-دي يدها كما لو أنه لا يريدها أن تهرب .

"لماذا أنتَ قلق للغاية ؟ هذا هو المكان الوحيد الذي سوف أكون فيه ."

إبتسمت آستر وهي تشعر بصدق چو-دي .

"نعم . ولكن لماذا لا تتناولين وجبة الإفطار ؟ الجميع قلقون للغاية . و أنا أيضاً ."

كان الأمر خطيراً للغاية كما لو أن العالم قد انهار عند سماع أن سيسبيا ماتت .

لكن عندما سمعت چو-دي الذي كان قلقاً للغاية بشان عدم تناول وجبة الإفطار انفجرت من الضحك .

"أوبا ، هل هذا بتلكَ الأهمية ؟"

"إذن، ما الشي المهم في كل صباح عندما يبدأ ؟ الأرز أهم شيء . و أنتِ تحبين الوقت الذي تأكلين فيه ، صحيح ؟"

لم يكن هناكَ شيء خاطئ في كلمات جو-دي . لقد كان الأمر صحيحاً لدرجة أن آستر أدركت شيئاً ما .

حقيقة أن العديد من الأشياء قد تغيرت بالفعل ، فلا داعي للخوف الآن .

وإلى جانب آستر كان هناك إخوة وأب و أشخاص أكبر منها أقوياء تربطها بينها و بينهم صلات .

أهم شيء في حياتها اليومية هو تناول وجبة الإفطار و إجراء محادثة مع أحد أفراد الأسرة و الاستمتاع بها .

شعرت و كأنها حمقاء كادت تنسى هذه السعادة لأنها كانت قلقة على المستقبل . وصفعت خدها بكف يدها .

شعر چو-دي بالرعب و غطى خد آستر على الرغم من أنها لم تضرب بشدة .

"ووو ، لماذا تفعلين هذا ؟ ماذا لو أحدثَ هذا ندب في وجهكِ الثمين ! إنظري إلى هذا ، هل أنتِ بخير ؟"

عندما رأت جو-دي يثير الضجمة كما لو أنها قد أُصيبت ، ابتسمت آستر بشكل مشرق .

"الآن بعد أن أصبح عقلي هادئاً ، لنذهب لتناول الإفطار ."

"هاه ؟ ستتناولين الإفطار ؟ فكرتي بشكل جيد ."

شعر چو-دي بالحيرة عندما رأى تغير مزاج آستر المفاجئ ، لكنه شعر بالإرتياح لرؤيتها تبتسم بشكل مشرق .

سارت آستر بشجاعة و ابتسمت لڤيكتور الذي كان قلقاً في الخلف .

قوى قلبها الذي كان ضعيفاً أكثر من أى وقت مضى .

***

بعد الإفطار عادت آستر إلى غرفتها .

لن يتغير الأمر على الفور لكن عقلها كان معقداً لأنها يجب أن تستعد للمستقبل .

"حقيقة أنني القديسة سيتم إكتشافها عاجلاً أم آجلاً ."

هزّت آستر يدها اليُمنى و أنزلتها إلى الأسفل .

نظراً لأن مقعد القديسة ليس خالياً وهناكَ راڤيان فلن تبحث عن القديسة بشكل علني .

ومع ذلكَ ، كان من المستحيل إخفاء الأمر تماماً لان الوحي سينزل من المعبد .

"لا بأس . لم أعد خائفة ."

بعد عودتها للمرة الأولى كانت تخشى أن يتم إكتشاف أنها القديسة و أن يتم جرها إلى المعبد .

ومع ذلك ، بغض النظر عن سلطة المعبد لن يتمكنو من أخذ آستر التي هي إبنة الدوق الأكبر الآن حسب رغبتهم .

على مدار العام الماضي شعرت بمدى روعة وضعها بصفتها إبنة الدوق الأكبر ، لذلكَ لم يكن لديها أى نية للهرب .

"هل يجب أن أذهب للجنازة ؟"

اعتقدت أنها يجب أن ترى الوضع شخصياً بدلاً من أن تكون وحيدة بأفكارها هنا .

قبل كل شيء ، كانت تريد أن تقول للقديسة سيسبيا شكراً للمرة الاخيرة لأنها قد منحتها الوقت .

لا يهم ما إن قابلت راڤيان ، ربما قد نستها بالفعل . أو ربما كانت تعلم أن الدوق الأكبر تبناها .

بفضل حضور دي هين العام الماضي أظهرها للعديد من الوجوه .

حتى لو لم يكن كذلك ، سُمعت الشائعات عند دولوريس أن الدوق الأكبر تبناها من المعبد .

اتخذت قرارها و نهضت و سمعت ضجيج في الخلف .

"هاه ؟"

ذُهلت آستر و استدارت إلى مصدر الصوت .

كان التمثال الزخرفي فوق الدُرج قد سقط .

كان بجانب التمثال أفعى مجمدة ، و كأنه يعلم أنه فعل شيئاً خاطئاً .

"أنا آسفة ، شورو . لم أتمكن حتى من اللعب اليوم لأنني كنت مشغولة للغاية ."

كان شورو طفل قامت بام بام بولادته . ربما كان ذلك لأنه كان صغيراً ، لقد كان صغيراً جداً .

اختفت بام بام بصمت بعد ولادة شورو لذا اتبع شورو آستر دائماً مثل والدته .

"سأذهب بعيداً لعدة أيام و ستعتني بكَ دوروثي لذا لا تحزن ، حسناً ؟"

ربتت آستر على رأس شورو و تحدثت معه لتتأكد من أنه يفهم .

ثم ذهبت إلى ديلبرت و طلبت منه إرسال رسالة إلى دي هين .

لحسن الحظ ، وصلت الرسالة بسرعة لذا تمكنت من الذهاب إلى المعبد في خلال نصف يوم .

***

منذ أن أُقيمت جنازة القديسة كجنازة رسمية زار العديد من الناس المعبد في خلال هذه الفترة .

كان هناك حد لعدد العربات التي يُمكن للمعبد إستيعابها ، لذلكَ مُنِعت العربات من دخول المعبد في هذا الوقت .

"لقد وصلنا تقريباً يا آنسة ، يُمكنكِ النزول ."

لم تكن آستر استثناء ، لذا نزلت أمام البوابة الرئيسية للمعبد . وصلت متأخرة بنصف يوم عن دي هين .

"الحشد ضخم ."

أخرج فيكتور لسانه و هو يساعد آستر على النزول .

الكثير من الناس تجمعو حول المعبد لدرجة أنه لم يكن هناك مكان .

نظراً لعدم السماح لعامة الناس بدخول المعبد يبدو أنهم يقفون حداداً على القديسة .

"نعم ، لأن القديسة كانت وكيلة الإله . ومع ذلك ، يُمكنهم البكاء هكذا ... هذا مفاجئ بعض الشيء ."

كان النحيب لا يُمكن إيقافه . مجرد النظر إلى مدى حزن و بكاء الجميع جعل عيونها تدمع .

لقد كانت لحظة أدركت فيها مدى تأثير القديسة .

بددت آستر عيونها الحزينة ، و أظهرت هويتها للحارس و دخلت .

"إنه شعور مختلف عن المرة الأخيرة التي جئت فيها إلى هنا ."

"نعم ، توفيت القديسة . لكن بطريقة ما يبدوا و كأنه مهرجان ."

تحركت آستر بمرارة .

بالنظر إلى وجوه الكهنة و الجو العام ، لم يكن الأمر جاداً على الإطلاق .

يتبع ...

2021/08/10 · 734 مشاهدة · 1680 كلمة
نادي الروايات - 2025