بنفس ساحة معركة الحرب السابقة تحت سمائها الملتهبة مع بزوغ الفجر ، وسط أرض شاسعة ، قرب تقاطع حدود مملكتي بيس وسبارتا و منطقة عرين التنين .
كان الطرفان المتحاربان مقابلان لبعضهما البعض مع مساحة ساحة الحرب الواسعة بينهما منتظرين في ترقب رهيب...فقد بلغ عدد جيش قوم تاي قرابة الإثنا عشر ألف جندي . لقد زاد عددهم كثيرا عن اخر معركة ، بينما جيش التحالف لا يزيد عن أربعة ألاف وخمسمائة جندي .
" ألن تعطي أوامرك بالبدأ يا أيها المقنع أورليش ؟ "
تحدت قائد مرتزقة الشمال بدى وكأنه يمازحه فرد عليه المعني بصوت بارد
" اصمت يا براد فهذه اللحظات ما تسمى بالهدوء ما قبل العاصفة "
ظهر خلف أورليش والقائد براد مرتزقة الشمال الذين بلغ عددهم المائتان محارب مستعد ، خلفهم الجيش المتحالف حيث برزت ريات حمراء وصفراء خاصة بمملكة سبارتا وبيس ، ترفرف بالهواء وسط الجيش المتأهب .
كان الملكان كارل ويونز بمؤخرة جيشهما تحت حماية اعضاء العائلة النبيلة بقيادة غوندوا بلاك ونائبيه كيريوا وأوساغي في خيمة حمراء ، تواجد بها أيضا الزعيم دوناهان ورئيس الوزراء لمملكة بيس ، يحرسها القائد جوجتا وكروغر الضخم الذي كان اضخم بشري في صفهم بلغ طوله لتسعة اقدام ، وحول تلك الخيمة عدد كبير من جنود التحالف واقفين كالثماتيل .
في الجهة المقابلة كان جنرال الكتائب لقوم تاي بالخطوط الهجومية ممتطيا حصانا ضخما مثله ، ينتظره الجيش لإطلاق بوق البداية ، لم يستطيعوا تحمل الإنتظار أكثر من اللازم.. وأخيرا أطلق صوت البوق النحاسي ، مما تردد صداه على المنطقة بأكملها كأنه صرخة عميقة من باطن الأرض ، انطلق فوقها جنود قوم تاي ، فقد تقدمت صفوفهم الأمامية كقطيع وحوش جائعة تركض نحو فريستها ، عيونهم تتوهج حماسا . فإرتفعت اصواتهم العالية المتحمسة مع اهتزاز الأرض تحت أقدامهم الضخمة .
وفي المقابل تقدمت الخطوط الهجومية لجيش التحالف بأمر من أورليش ، قبل أن تصتدم أسلحتهم مع أسلحة العدو كالرعد بالسماء ، في حين قد تراجع ذلك الجنرال بحصانه للخطوط الدفاعية بهدوء بعدما أطلق صافرة البداية تاركا الجيش يقوم بدوره .
كان الملك غورد بمؤخرة جيشه في خيمة ضخمة تناسب حجمه ، يبتسم ابتسامة شريرة .
بالأمس بحلول الليل وصل مرتزقة الشمال بقيادة شاب بالعشرينيات من عمره بعد رحلة طويلة شاقة من أقصى الشمال بالمملكة ، ممتطين أحصنتهم المتوقفة أمام بوابة معسكر التحالف ، فتحت لهم البوابة على مصرعيها ، فدخل الضيوف ببطئ قبل أن يترجلوا من على أحصنتهم واحد تلو الأخر .
" مرحبا بكم ، دعني آخدك لجلالته "
تحدت القائد جوجتا الى براد الذي قد أومأ برأسه له كرد ، فتبعه هذا الأخير الى خيمة الملكان دون اهدار لأي وقت
....
بخيمة الملكان ، كان يونز يجلس في عرش خشبي وبجانبه الملك كارل وهو الأخر جالس بعرش كعرش صديقه .
انحنى القائد براد ، فبرز شعره الكثيف الأزرق الفاتح كلون الصقيع ، عندما ألقى التحية على الملكان ثم عاد لوضعه المستقيم
" لقد تأخرتم نوعا ما ، كان من المفترض أن تصلوا قبل غروب الشمس "
تحدت يونز فرد عليه براد متأسفا
" اسف على التأخر جلالتك ، لقد واجهتنا عقبة الشياطين وفقدنا نصف أحصنتنا بمنتصف الطريق مما أطررنا على الإنحراف للمرور بإحدى القرى و الحصول على احصنة اخرى "
" لا بأس أمل أن تستريحوا جيذا من رحلتكم الطويلة ، فلم يتبقى وقت كثير لبداية الحرب "
" لا تقلق جلالتك نحن مرتزقة الشمال اصلب مما تتوقع "
" يسعدني سماع ذلك "
بعد رد الملك قال براد بوجه جاد
" لندخل صلب الموضوع ألا وهو أجرنا جلالتك "
" أه صحيح بالنسبة لذلك ، سأكافئكم بمائتان عملة ذهبية "
فرد براد قبل أن يحني رأسه وبدى عليه عدم الرضى
" مع احتراماتي لكن نحن لسنا فقط مرتزقة عادية ، فكما هو معروف عنا للجميع نحن فيلق قاتل الشياطين لذلك نريد من اجرنا أن يكون مساوي لخدماتنا "
أمسك اورليش مقبظ سيفه وأطلق هالة غاضبة جعلت الحاضرين بالخيمة يشعرون بالقشعريرة ، حيث قد ابتلع القائد جوجتا ريقه مع بعض الحراس الذين رفقته ، في حين ابتسم القائد براد تحت أنفه . كان أورليش واقفا بجانب يونز ، لقد شعر بالإهانة تجاه الملك فرفع هذا الأخير يده اليمنى وطلب من اورليش الهدوء قبل أن يحدت نفسه
" الفيلق الذي اسس مند وقت ليس ببعيد ، قد يكون التعامل معهم صعب قليلا لكن سأفعل اي شيء مقابل سلام مملكتي "
ثم نطق قائلا
" لقد وصلتني رسالة سلفا من زعيمكم عبر الغراب "
" اجل لقد اخبرني اخي الزعيم بذلك "
" على أي حال الرسالة تبشر بدعمكم لي بالحرب وشرح فيها عن وضعكم الصعب بقرية وينترفل "
" هذا صحيح جلالتك قريتنا بأقصى الشمال تمر بوقت صعب حاليا لذا مع كل تواضعي اتوقع تفهمك "
" لطالما جمعتني علاقة جيذة مع والدكم عندما كان تاجرا ، وانا ملك متفهم بطبيعة الحال لهذا سأضاعف أجركم "
انحنى براد وشكر الملك يونز بإخلاص .
[ 1 عملة ذهبية = 10 عملات فضية / 1 عملة فضية = 20 عملة برونزية ]
" بالمناسبة كيف حاله ؟ اعني والدك "
صمت براد والحزن على وجهه عندما سأله الملك ثم كبث مشاعره وتحدت بنبرة حزينة
" لقد مات والدي...قبل بضعة أشهر "
لم يستطيع كبث كل حزنه فصعق يونز ووقف هالعا منصدما
" ماذا ؟ مستحيل "
ثم جلس ووضع راحة يده على جبهته في حزن " كيف ليس لي علم بذلك ؟ "
أجاب براد " لقد قتلته الطيور الشيطانية عندما كان في منزله القديم بقرية في الشمال غير وينترفل "
ثم واصل
" ومنذ ذلك الوقت أسس اخي فيلق قاتل الشياطين "
بعدها حدت الملك يونز نفسه وعض شفتيه ندما ، لقد شعر بنوع من المسؤولية .
" بذلك الوقت إذا "
فتحدت متأسفا
" حقا أسف لخسارتكم "
" لا بأس جلالتك لقد تقبلنا وضعنا الحالي "
بعدما تحدت براد لفت انتباههم وكل من في الخيمة صوت ضوضاء بالخارج ، لقد كان جورا محاطا بالمرتزقة شكلوا دائرة وهو وسطها ضد أحدهم . كأنه بداخل حلبة قتال ، كل ما أراده جورا هو الذهاب للنوم بعد ذلك التأمل الطويل المتعب . لقد شعر بالإنزعاج من هؤلاء الأغبياء الذين قاطعوه فكل ما في الأمر هو أنه اصتدم بأحد المرتزقة دون قصد لدرجة حتى جورا لم ينتبه لذلك . لقد كان فكره مشغولا حول تقنيات ومهارات جديدة ، فشعر المرتزق بالإهانة وحذث ما حذث مما أدى لهذه النتيجة . ليجد جورا نفسه في قتال ضد ذلك الرجل الذي اصتدم به ، محاطا من المرتزقة الذين يرددون بحماس
" قتال ، قتال ، قتال ، قتال.... "
" هيا تقدم ماخطبك ؟ أأنت خائف ؟ أم تريد التأسف الأن ؟ "
تحدت المرتزق بتعجرف فرد جورا بتنهد خفيف ثم هز رأسه بقوة يمينا ويسارا قبل أن يتحدت بصوت ونظرة حادتين
" حسنا ، سأقبل دعوتك بكل تواضع "
" جيذ إذا "
ثم أضاف المرتزق
" لكن أظنني أنا من سيبادر بالهجوم "
اندفع على حين غرة بسرعة نحو جورا مغلفا ذراعه بعاصفة من الرياح قبل أن يوجه عدة ضربات بقبضته ، في المقابل كان جورا يتفاداها كلها ببراعة تحت تعجب المرتزق من سرعة تفادي خصمه ، فزاد غضبه مما رفع من سرعة ضرباته واستمر الأمر لبضع دقائق حتى اضطر جورا لصد الضربة الأخيرة بمرفق يديه مغلفة بالصخر مما تراجعت قدميه للخلف خطوتين وتحطم التغليف .
" تسك ، لماذا لم يسقط ؟ "
حذث المرتزق نفسه بينما تردد صدى صوت رفاقه من المرتزقة ساخرين منه
" ماخبطك يا زرارا ؟ اتعاني ضد طفل ؟ هل نساعدك ؟ هاهاهاها... "
" اخرسوا "
صرخ زرارا بغضب بعدما شعر بإنزعاج شديد ، لقد زاد رفاقه الطين بلة فقط ، في حين جورا كان قد استحضر النار والبرق في كلا يديه فدمجهما قبل أن يطلق ضربة من ألسنة لهب وحولها البرق ، بعيدة المدى . فأسقطت المرتزق على الأرض متألما ، مما صدم كل المرتزقة ، لم يتوقعوا بأن يكون هذا الشاب بهذه القوة ثم شارعوا بسخريتهم مرة أخرى
" انهض يا زرارا لقد خيبت أملنا "
نهض المعني بصعوبة لاهثا متظررا ، ماسكا بجروح صدره . لم يعد يستطيع القتال حاليا .
تزامن مع ضربة جورا الأخيرة خروج القائد براد من أجل معرفة مصدر الضوضاء رغم أنه كان على يقين بأن الأمر متعلق بجماعته ، لم يستطع إلا أن يندهش عندما رأى احد رجاله ينهزم هكذا قبل أن يسأل رجاله
" مالذي تفعلونه عندكم ؟ "
" إنه القائد براد "
" نحن بعداد الموتى الأن "
تحدث بعض المرتزقة لبعضهم البعض في خوف بعدما أدركوا خطأهم متأخرين ، فقابلهم قائدهم بهالة غاضبة
" لما لا تستطيعون البقاء ساكنين لفترة فقط ؟ لماذا دائما كلما وطأت أقدامكم مكان ما تفعلون المشاكل ؟ "
ركع المرتزقة على ركبهم ، مطئطين رؤوسهم متأسفين ، كان زرارا في مقدمتهم ، فتنهد براد تنيهدة ثقيلة وخف غضبه قبل أن يتجه نحو جورا ليعتذر منه عما بدر من أتباعه
" أنا حقا أسف عما حصل "
" هؤلاء رجالك ؟ "
سأل جورا فرد عليه براد
" نعم إنهم كذلك "
" عليك بتدريبهم أكثر لأنهم بهذا المستوى لن يستطيعوا حتى قتل واحد من قوم تاي "
تحدت جورا ببرودة دم وقد شعر القائد براد بإنزعاج من استفزاز جورا غير المتوقع بالنسبة له ، فحدت نفسه
" يالهذا الفتى الوقح ! "
لقد كبث انزعاجه ثم نطق بصوت مسموع مع ابتسامة مزيفة
" كم عمرك يا فتى ؟ "
" 18 سنة "
" حقا ! لست أكبر منك بالكثير قد نصبح اصدقاء مستقبلا "
" لا أعتقد ذلك "
رد جورا ببرود حاد فزادت هالتهما في تحد واضح لكل الأعين المحيطة بإندهاش من الموقف ، حتى تدخل أورليش طاغيا بهالة أضخم من هالتهما مما أضطر كل منهما ايقاف تلك الشرارة في حضور هذا المرعب الذي بسبب هالته تلك قد اغمي على بعض الجنود من سبارتا وبيس بالجوار هناك ، وإرتعاب المرتزقة .
" اذهب لخيمتك يا جورا "
" حسنا معلم اورليش "
" إنه تلميذك إذا "
تحدت براد ثم رد اورليش بصوت جاد
" عليكم بالإستراحة أنتم ايضا لتستعدوا جيذا غذا "
" حسنا حسنا "
رد براد مبتسما اثناء ذلك كانت الأميرة نوريانا قد شاهدت كل ماحذث من البداية الى النهاية ، عندما رأت جورا أرادت الإتجاه إليه لكن حصل ما حصل ومنعت من ذلك بسبب المرتزقة قبل أن تهمس بسخرية مع ضحكة مكتومة
" لماذا دائما المشاكل تحدت من حوله ؟ "
...
إنطلقت الحرب بالفعل وكل واحد وثنائي ومجموعة مركز بالحرب بشكل رهيب من أجل القضاء على قوم تاي ، كانت الخطوط الهجومية لجيش التحالف القلب النابض للجيش، يرتدون الدروع الثقيلة، يحملون السيوف والرماح. كانوا يقاتلون بشراسة بكل ما أوتوا من قوة ، استخدم بعضهم عنصر النار لكن الأغلبية كانوا مستخدمين لعنصر الجليد ، من يغلف سيفه بالنار ومن يغلف سلاحه بالجليد ، خاصة من جهة جنود بيس حيث استخدموا هذا الأخير .
أما البعض الأخر كانوا يركضون على ظهور خيولهم بسرعة البرق، يهاجمون العدو من الخلف بسيوفهم الطويلة ، في المقابل كان جنود قوم تاي يقوم بهجومه كذلك بواسطة فؤوسهم ورماحهم الضخمة ، لقد استعملوا كذلك عنصر الأرض بكثرة ، بعضهم كان مضطرا في دخول وضعية الدفاع ، بعدما حاصرهم جنود التحالف الذين تشجعوا رغم العدو الذي أمامهم حجمه ضعفين حجمهم الطبيعي ، بالطول وفي العرض ، لم يشعروا بالخوف . لقد استمروا بالقتال ، حتى من رؤيتهم لزملائهم واصدقائهم يقتلون أمام اعينهم ، عضوا شفتيهم حزنا وانطلقوا بكل شجاعة مليئة بالمشاعر..لكن انتهى بهذا النوع من البشر الى فقدان حياتهم ، هذا ما سببه التهور دون تفكير ام كان فقط نتيجة الإضطراب و الخوف من العدو العملاق..
بدأ ذلك يؤثر على بعض من جنود التحالف.. بدأت فكرة هزيمتهم تسيطر عليهم لكن سرعان ما حفزهم أصوات عالية تصرخ بحماس ، لقد كانوا مرتزقة الشمال مفعمين بحيوية كبيرة ، كان اغلبهم ملتحيين و ارتدوا خودات حديدية ذات قرنين ، بدوا همجيين أكثر يصرخون هنا وهناك من شدة حماسهم وإستمتاعهم بالقتال مستخدمين أسلحتهم من أنصال وسيوف طويلة وحتى الخناجر ، كانوا كلهم متقنين لعنصر الرياح والجليد ، قوتهم غير المتوقعة كانت صاعقة بالنسبة لإيما التي كانت قرب البعض منهم قبل أن تندهش ثم تخرج من ذهولها
" هذا ليس وقت الذهول "
قالت ذلك بعدها فاجأتها ضربة من فأس جندي عملاق ، صدتها بسرعة بسيفها ، مما قدفت الى الوراء لكن سرعان ما استعادت توازنها في اخر لحظة
" لقد تشتت "
امسكت مقبظ سيفها بقوة قبل أن تندفع نحو العملاق موجهة ضربات سريعة بحافة السيف الحادة ، قابلها العملاق بصد كل هجماتها بفأسه ، فشعرت بالخطر فجأة منه قبل أن تتراجع بضع خطوات للخلف
" أنت بطيئة جذا أيتها الصغيرة "
رغم هذا لم يظهر الخوف او الإحباط على وجه إيما بل تشجعت وقالت
" هذا مجرد إحماء لا غير "
" لست خائفة إذا ! "
أخدت إيما نفسا عميقا مع وضعية منحنية للأمام ممسكة بمقبظ سيفها بقوة
" تنفس اللهب المستوى الأول.....المستوى الثاني......المستوى الثالث "
أحاطت بإيما هالة كبيرة بدت كشعلة نارية ضخمة كانت تتوهج أكثر كلما رفعت من مستوى الى اخر .
ثم أرجحت سيفها مطلقتا موجات من اللهب ، أصاب اللهب العملاق بعدما كان مصدوما بتقنية عدوه وهي تقترب منه ، فسقط بالأرض على وجهه وجتثه سوداء متفحمة . لكن لم تتوقف تقنيتها عند ذلك فقط بل وقضت على بعض العمالقة المركزين بالحرب الذين كانوا خلف خصمها ، حتى إيما نفسها تفاجأت من ذلك وشككت
" أفعلت أنا كل هذا حقا !؟ "
عندما إلتفتت ليمينها رأت كايتوا محاصرا من أربعة من جنود العدو أرادت مساعدته قبل أن يغلف كايتوا نفسه بحاجز صخري كروي صلب ، لم يهتم العمالقة لذلك فأرجحوا أذرعهم حاملين فؤوسهم القوية لتحطيم الحاجز ، لكن دون فائدة لم يتم حتى خدش الكرة الصخرية ، فإذا بهم فوجئوا بأعمدة صخرية حافتها حادة كالسيوف او اكثر خرجت من الكرة بسرعة مخترقة صدورهم جميعا بنفس التوقيت ، فسقطوا غارقين في دمائهم الحمراء .
ابتسمت ايما بينما اقتربت من كايتوا ومدحته
" لقد كان ذلك رائعا "
أثناء ذلك كان أورليش يقضي على العدو واحد تلو الأخر ، في حين من ثانية لأخرى كان يلمح بعينيه قتال إيما وكايتوا ملاحظا تطورهما مما ابتسم ابتسامة خفيفة خلف قناعه الجمجمي .
بتلويحة واحدة من سيفه العادي فقط ، كانت كل تلويحة كافية لتقطع عملاقا لنصفين بسرعة فائقة ، تحت صدمة قوم تاي من هول قوته
" لقد قطع جنودنا وكأنهم لاشيء ! "
رغم أن اورليش يملك ذراع واحدة الأن إلا أن هذا لم يكن عائقا له ، قوته لازالت مدمرة وكأنه لم يفقد ذراعه ، كان يقاتل من أجل احبائه وزوجته كاميا وابنه الصغير وكل من وضع ثقته به من أهل المملكة . لقد مرت عليه صورهم كشريط فلم مسترجعا افضل واسعد لحظاته قبل أن يحدت نفسه
" سأحميهم جميعا مهما كلف الأمر "
" هيا حاصروه يمكننا هزيمته بعددنا ، إنه واحد فقط "
صرخ احد جنود قوم تاي محفزا زملائه الذين فقدوا الأمل ، كانوا مدركين لحجم عدوهم الكبير ، فذكر اسمه فقط كان كافي ليدق الرعب في قلوب البعض بالماضي والحاضر . قبل أن يستعيدوا شتات أنفسهم ويصرخون بأعلى صوتهم متحفزين
" صحيح نحن قوم تاي ، نحن لها "
وجه أورليش نظره نحوهم عندما تحركت الأرض من تحت قدمه فجأة كجبل صاعد ، بفضل عنصر الأرض للعمالقة ، مما أدى الى فقدان توازنه لبرهة لكن سرعان ما استعادها بسرعة ردود افعاله ، قام بالدوران بجسمه في الهواء اثناء سحب سيفه
" نطاق المائة ضربة "
أطلق عاصفة من الضربات من الرياح قطعت العمالقة الذين حاصروه . لقد كانوا في محيط نطاقه . فتناترث أطرافهم وسقطت بالأرض وسالت دمائهم كمطر غزير . كان مشهدا مهيبا جذا صعق كل من كان بمحيط اورليش رغم غبار الحرب لكن هذا لم يمنع جنود قوم تاي القريبين من رؤية ابناء جنسهم يقطعون كأنهم شوراما ، قبل أن يبتلعوا ريقهم ويتجمدوا في مكانهم مصدومين من شدة الخوف ، حتى جورا كان بعيدا نوعا ما ورأى ذلك في ذهول مما تشتت ذهنه ، ففوجئ بهجمات من الصخور تتجه نحوه مع عدم وجود اي وقت للتفادي ، قام بصنع جذار صخري سميك بالوقت المناسب وصد تلك الهجمات
" لقد كان ذلك وشيكا "
خرج كاغي من خاتم جورا بأمر منه ، فقفز نحو احد العمالقة وعضه من رقبته بأسنانه الحادة كالسيف تحت صراخ العملاق في تألم ، ثم أمسك هذا الأخير الذئب الشيطاني بكلتا يداه ورماه بعيدا بينما كان ينزف دما كثيرا .
" اللعنة على هذا الجرو اللعين "
صرخ بغضب شديد قبل أن يمسك رمحه الطويل الذي غرسه بالأرض سلفا لكي يبعد عن نفسه ذلك الذئب ، فخطرت على بال جورا فجأة فكرة لامعة . لقد امتطى ظهر ذئبه الشيطاني وأمره بالتقدم بأقصى سرعة نحو العدو ، فعل كاغي كما أمره صاحبه وبينما كان يركض بسرعة عالية شاقا طريقه وسط جيش العدو كان جورا يلقي أشواكا صخرية ضخمة مغلفة باللهب . لقد دمج العنصرين . فسقط مطر الأشواك على العدو مخترقة أجسامهم وأدرعهم الحديدية الصدرية الخفيفة .فزادت كثافة الغبار بالمحيط قبل أن يترجل جورا من على ظهر كاغي ويصتدم بظهر أحدهم ، اخبرته غريزته بالتراجع خطوات الى الخلف وإتخاد وضعية الدفاع بواسطة خنجريه ، لم يرى جيذا من هذا الشخص ما إن كان حليفا ام عدو ، فحتى ظله كان مشتتا وغامضا وسط الغبار الكثيف ، أراد جورا قتله بتقنية بعيدة المدى ، لا يهم الأمر إن كان حليفا ام لا.. فهم وسط حرب على اي حال ، أظهرت ملامحه برودة تامة عندما فكر بذلك . وبالوقت المناسب قبل أن يقوم جورا بأي هجوم غير ضروري اختفى نصف الغبار بفعل بعض الرياح واتضح أنه حليف وهو ذلك المرتزق الذي هزمه جورا سابقا بالمعسكر المدعوا بزرارا .
" أهذا أنت فقط "
تحدت جورا وسرعان ما رد عليه المرتزق بتعجرف
" فقط ؟ كن شاكرا أتيت لتقديم المساعدة هنا "
" أنا وحدي أكثر من كافي "
" لا تكن مغرورا بنفسك دعني احصل على بعض المتعة "
" يبدوا أن المتعة أتت إليك "
لقد تم محاصرتهم من العدو فجأة ، ضيقوا عليهما الحصار شيئا فشيئا وأعينهما تراقب بحذر بينما يتراجعان للخلف ببطئ ، مما إلتصق ظهريهما مع بعض وسط ذلك الحصار .
" هيا بنا "
صرخ زرارا بحماس كبير مشكلا شفرات من الجليد في كلا يداه في حين جورا استعمل خنحريه وغلفهما بالبرق واللهب.. قضوا على العمالقة وبدى قتالهما متناسقا جذا أحدهما يغطي على الأخر في الدفاع والهجوم مما زادت من سرعة قضائهما على العدو وفك الحصار عليهما ، واقفين حول كومة من الجثث .
حتى ظهر أحد قادة الكتائب الهجومية وسط تلك الجثث ، يلتفت إلى كتيبته المهزومة بعينيه يمينا ويسارا ، فأطلق تنيهدة ثقيلة قبل أن يتحدت والغضب يعلوه
" أنتما سأريكما المعدن الحقيقي لقوم تاي "
.
.
.