5 - هل السيد في الحقيقة كائنٌ لا يُضاهى؟

الفصل الخامس: هل السيد في الحقيقة كائنٌ لا يُضاهى؟

حينما رأت الثعلبة الصغيرة "سو يوي" فخذ الدجاج الشهي موضوعًا أمامها، لم تستطع تمالك نفسها، فتقدّمت خطوة والتهمت قضمة.

يا له من طَعمٍ لذيذ!

منذ أن أُصيبت سو يويه ورُدّت إلى شكلها الأصلي كحيوان، وهي تهيم على وجهها هاربة، لا وقت لديها للبحث عن طعام. ولهذا، شرعت في التهام فخذ الدجاج بنهم، ولم يمضِ وقت طويل حتى أجهزت عليه.

ومع أن شهيتها كانت ضئيلة، إلا أنها شَعرت بالشبع سريعًا.

"أرغ~"

تجشّأت الثعلبة الصغيرة بعد أن امتلأت بطنها، وهو ما جعلها تشعر بشيء من الإحراج. لكن حين تذكّرت أنها الآن مجرد "حيوان أليف" لدى شخصٍ ما، رمقت "ليو تشانغقونغ" بنظرةٍ حادة، وإن بدت ظريفة جدًا.

قال ليو تشانغقونغ مبتسمًا:

"بما أنكِ شبعتِ، سأبدأ أنا بالأكل الآن."

كان يعلم من صوتها أنها فرغت من الطعام، فراح يُعد المائدة لنفسه، يضع الأطباق ويسكب الخمر، ويأكل بشهية.

أما سو يويه، وبعد أن فرغت من الطعام، شرعت تتفحّص هذا "السيد" الغريب بعينٍ متأنية...

رجلٌ مميت، لكن تشعّ منه هالةٌ خفيفة من الخلود، ذو مظهرٍ راقٍ وهيبة فريدة.

حتى وهو يأكل، بدا جميلًا. ورائحة جسده... كم كانت ساحرة!

رغم أنها ابنة إمبراطور الشياطين الجبار، ورأت الكثير من ملوك البشر والجن، إلا أن أحدًا منهم لم يملك تلك الهالة الهادئة والمريحة التي ينبعث بها هذا الشاب. بل شعرت أنه لا مثيل له.

ويا للأسف... إنه مجرد بشري لا يمتلك أي قوة روحية.

ومع شعورها ببعض الضجر، بدأت تتجول بعينيها في المكان الذي ستعيش فيه مستقبلًا.

كانت الجدران الأربعة مزينة بالخطوط واللوحات، مناظر طبيعية، مشاهد من الحياة، وقطع نثرية، كلها موقعة باسم "ليو تشانغقونغ".

وعلى الطاولة القريبة، لم يكن هناك سوى أدوات كتابة بسيطة، لا وجود لشيء يبدو خارقًا.

باختصار، ليو تشانغقونغ هذا، ليس سوى بشرٍ عادي.

لكن في غمرة تأملها، وقعت عيناها على لوحة معينة...

بوووم!

لم تشعر بشيء في البداية، لكن ما إن ثبتت نظرها على اللوحة، حتى انفجرت روحها من الداخل!

بدت اللوحة وكأنها عالمٌ آخر ينبض بالحياة: مشاة على الطرقات، منازل تنبعث منها الدخان، جبال بعيدة يغلفها الضباب، وحركة السوق تعج بالأصوات.

شعرت وكأنها ليست أمام لوحة، بل وسط واقعٍ حي، يعجّ بالحياة.

وكانها تُحلّق بعيدًا، تراقب هذا العالم من علٍ، متجاوزةً الزمن والحدود.

"هوو..."

بعد وقتٍ لا تدري كم طال، عادت إلى وعيها، تتنفس بصعوبة، وعيناها ممتلئتان بالدهشة وعدم التصديق.

لوحة واحدة فقط... وقد فعلت بي كل هذا؟

لقد حسّنت من جراحها بنسبة لا يُستهان بها، وجعلت قلبها في طريقه لبلوغ مرحلة جديدة من الصفاء والاتزان.

أمرٌ لا يُصدّق!

وما زاد من حيرتها... أن الأمر تكرر.

كل لوحة نظرت إليها حملت لها أثرًا روحيًا عميقًا.

لوحة تُظهر القمر المتصاعد من الجبال الشرقية، جعلتها ترى الكون كله بعينٍ جديدة.

أخرى، بخطوط عشوائية متشابكة، جعلتها تسمع طبول الحرب وتشهد معارك ضارية.

ولوحة ثالثة، بخطٍ حادٍ كالحديد، وكأن كل ضربة قلم فيها تحمل سيفًا قاطعًا يُهاجم قلبها الروحي.

وما إن شعرت أن روحها ستنهار من قوة هذه اللوحات، حتى امتدت يدٌ دافئة ورفيعة، التقطتها برفق، ووضعتها في حضنها.

آنذاك، أدركت الحقيقة...

هذا ليس بشريًا عاديًا... بل كائنٌ خالد، مهيب، لا يمكن تخيُّل مدى قوته!

لوحاتٌ تحمل مفاهيم الكون؟ كلماتٌ تفتح آفاق السيف المطلق؟

أي عظمة هذه؟

أي شيخٍ مخضرم هذا الذي يتخفى خلف مظهر شاب وسيم؟

بل وبدأت الشكوك تتسلل إلى عقلها...

هل إصابتي كانت مدبّرة؟

هل ما حدث لها منذ البداية، كان من تخطيط هذا "السيد"؟

هل كانت مجرد بيدق في خطةٍ كبيرة؟

بدأ قلبها يمتلئ بالخوف، ثم بالحزن...

"ووو... ووو..."

انهمرت دموع الثعلبة الصغيرة، وبدأت تبكي بصمت وهي تتكور على نفسها.

أما ليو تشانغقونغ، فنظر إليها بحيرة:

"عجيب، كانت بخير قبل قليل... هل اشتاقت إلى موطنها؟"

ولأنه ظن أن الأمر مجرد حنين للوطن، تركها لحالها ولم يزعجها...

2025/04/16 · 28 مشاهدة · 582 كلمة
crimson
نادي الروايات - 2025